الدول العربية التقرير العالمي لرصد التعليم 2019
الهجرة والنزوح والتعليم: بناء الجسور لا الجدران
Credit: Mark Kaye/Save the Children
المقدمة
ثمة قصص قوية مترعة بالطموح والأمل والخوف والترقب والإبداعوالإنجاز والتضحية والشجاعة والمثابرة والحزن تذكّرنا بأن"الهجرة هي تعبير عن التطلعات الإنسانية إلى الكرامة والسلامةوالمستقبل الأفضل. إنها جزء من النسيج الاجتماعي، وجزءمن تشكيلتنا كعائلة بشرية" ) United Nations, 2013 (. ومع ذلك،فإن الهجرة والنزوح هما "أيضاً مصدر للانقسامات داخل الدولوالمجتمعات وفيما بينها ... وفي السنوات الأخيرة، حدثتتنقلات كبيرة لأناس ضاق بهم الحال وركبهم اليأس فراحواينشدون البدائل كمهاجرين ولاجئين، الأمر الذي حجب بظلالهفوائد الهجرة بمدلولها الواسع"
الهجرة الداخلية
تمثّل الهجرة الداخلية غالبية التحركات السكانية. وعادةًما تشكل الهجرة من الريف إلى الحضر، وهي ظاهرة بارزةبشكل خاص في البلدان المتوسطة الدخل، والتدفقاتالموسمية أو الدائرية أكبر التحديات التي تواجه أنظمةالتعليم. ولكن معدل التحضر وكثافة الهجرة الداخلية فيالدول العربية أقل منهما في المناطق الأخرى.
ففي تونس، يقفز معدل الهجرة الداخلية من 2% بينالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 19 عاماً إلى%7 بين من هم في العشرينات من العمر وبدرجة أكبربين الإناث، ويمثل التعليم ذا النوعية الأفضل في المناطقالحضرية سبباً رئيسياً من أسباب الهجرة. ويهاجر لأغراضالتعليم، في المتوسط، 8% من التونسيين وأكثر من%20 من بعض المحافظات.
وفي مصر، تنخفض معدلات التسرب بين أطفال المهاجرينالداخليين انخفاضا طفيفا في مرحلتي التعليم الابتدائيوالإعدادي ويزيد احتمال استمرارها في التعليم الثانويوما بعد الثانوي.
وفي العراق، يعيش 13 % من السكان في 700 3 من الأحياءالفقيرة، يوجد بها ما يقرب من 200 2 مدرسة غير مكتملة.وفي مدينة الصدر، وهي أكبر الأحياء الفقيرة في بغداد،أشار 9% من السكان إلى التعليم باعتباره أولوية قصوى.وفي ربع الأحياء الفقيرة في القاهرة، مصر، كانت المدارسالثانوية العامة تقع خارج الحي.
وتركز المدارس الميدانية لمجتمعات البدو الرُحَّل والرعاةفي بلدان مثل جيبوتي على المهارات المرتبطة بالزراعةالتي تهدف إلى زيادة كفاءة إدارة الثروة الحيوانية والتخفيفمن آثار تغير المناخ.
الهجرة الدولية
كان للهجرة من الدول العربية وإليها في الماضي جانبانرئيسيان، بينما أخذ جانب ثالث الآن في الظهور.
النزوح الدولي
في نهاية عام 2018 ، بلغ عدد اللاجئين 25.9 مليون لاجئ،منهم 5.5 ملايين فلسطيني. وكانت الجمهورية العربيةالسورية (6.7 ملايين)هي البلد الذي هرب منه أكبر عددمن الناس، بينما احتل السودان (0.7 مليون)أيضاً أحدالمراكز العشرة الأولى. وكان السودان ) 1.1 مليون( ولبنان) 1 مليون( والأردن ) 0.7 مليون( من بين البلدان العشرة الأولىالتي استضافت اللاجئين. وبالإضافة إلى ذلك، استضافلبنان (0.5 مليون) من اللاجئين الفلسطينيين والأردن(2.2 مليون)منهم، مما يجعلهما أكبر بلدين مستضيفينللاجئين بالقياس إلى عدد سكانهما في العالم.
واعتادت معظم الحكومات، في مواجهة الأزمات، علىتوفير نظم تعليمية موازية للسكان اللاجئين. وما زال هذاهو الحال بالنسبة للاجئين الماليين في موريتانيا، حيثيلتحق 300 5 طفل من أصل 300 19 طفل في سن المدرسةبمدارس تتبع المنهج الدراسي المالي.
غير أن هذا الحل غير مستدام. فالنظم الموازية تفتقر إلىالمعلمين المؤهلين، والامتحانات لا تُعتمد نتائجها، وهناكاحتمال خفض التمويل في غضون مهلة قصيرة. وتحدُّهذه النظم، بالتالي، من فرصة إدماج اللاجئين وعيشهمحياة مجدية، خاصة إذا طال أمد النزوح. والهدف من ذلكهو إدماج اللاجئين بشكل كامل في نظام التعليم الوطني،بحيث يدرسون في نفس الفصول الدراسية مع المواطنينالأصليين بعد فترة قصيرة من الفصول التعويضية، إذا لزمالأمر، لإعدادهم للالتحاق بمستويات مناسبة لأعمارهم.
ويُلزم إعلان جيبوتي لعام 2017 بشأن تعليم اللاجئين علىالصعيد الإقليمي الأطراف الموقعة عليه، ومنها جيبوتيوالسودان، بإدماج تعليم اللاجئين والعائدين في خططهالقطاع التعليم بحلول عام 2020 ، ويقترح اتخاذ بعضالإجراءات، من قبيل وضع حد أدنى لمعايير التعلُّم أوإدماج اللاجئين في نظام المعلومات الوطني الخاص بإدارةشؤون التعليم.
والظروف الجغرافية والتاريخية وتوافر الموارد وقدرة النظامكلها عوامل تؤثر على درجة إدماج اللاجئين. وفي بعضالحالات، يكون التحرك نحو الإدماج تدريجياً، تبعاًللتطورات على أرض الواقع وبعد أن يزداد فهم الفوائد التييمكن أن تترتب عليه. ففي تركيا، هبطت نسبة الأطفالاللاجئين السوريين الملتحقين بمراكز التعليم المؤقتة من%83 في العام الدراسي 2014 / 2015 إلى 37 % في 2017 / 2018 .وستدمج الحكومة جميع الأطفال اللاجئين السوريين فينظام التعليم الوطني بحلول عام 2020 وتُنهي تدريجياًتوفيره بشكل منفصل.
ويمكن أن تشكل الموارد قيداً رئيسيا.ً وقد اعتمد الأردنولبنان نظام الفترتين. فالمواطنون الأصليون يحضرونفي الفترة الصباحية ومعظم اللاجئين السوريين في فترةبعد الظهر. ورغم أن هذا يمثل الحل الواقعي الوحيد فيالمدى من القصير إلى المتوسط، إلا أنه لا يوصى به علىالمدى الطويل. ومن الضروري أن تعزز الحكومات تنميةالقدرات المهنية للمعلمين والقائمين على إدارة المدارس؛وتربط الجهات المانحة استجابتها الإنسانية القصيرةالأجل بتدخلات التطوير الطويلة الأجل لتعزيز النظام؛ وتقومالجهات الفاعلة في مجال التعليم غير الرسمي باستحداثبرامج تجمع بين الطلاب من المواطنين الأصليينواللاجئين؛ وتستعد جميع الجهات الفاعلة لتفكيك الفترةالثانية في نهاية المطاف ومعالجة النتائج المترتبة علىإدماج الباقين.
ويفتقر اللاجئون في كثير من الأحيان إلى الوثائق، مثلشهادات الميلاد وشهادات التخرج من المدارس والدبلومات،مما يجعل إدماجهم في نظم التعليم الوطنية أكثرصعوبة. وكان الأردن يشترط على اللاجئين الذين يعيشون خارج المخيمات الحصول على بطاقات خدمة للالتحاقبالمدارس، لكن وزارة التربية والتعليم بدأت في عام 2016 فيالسماح للمدارس العامة بقيد الأطفال دون بطاقات.وفي إقليم كردستان العراق، كانت وزارة التعليم تصدراعترافاً بالمعادلة المؤقتة لشهادات طلاب المدارس الثانويةلأغراض الالتحاق بالجامعة لكنها أوقفت هذه العملية فيالعام الدراسي 2018 / 2019 .
ويمكن أن تكون الرسوم والتكاليف التعليمية الأخرى مرتفعةبشكل خاص بالنسبة للاجئين، خاصة عندما تتعرضحريتهم في التنقل وحقهم في العمل للتقييد. وقد أدخلبرنامج الأغذية العالمي برنامج التغذية المدرسية في حالاتالطوارئ في لبنان في العام 2015 / 2016 . وكانت طريقةتجريبه باستخدام النقد ناجحة ولكن لم يمكن التوسعفيها ماليا.ً وجرى التوسع في طريقة إمداده بالغذاء لتشمل000 24 طفل من المواطنين الأصليين واللاجئين الضعاففي مدارس ابتدائية عامة مختارة في المناطق ذات المعدّلالمرتفع للفقر وتكدّس اللاجئين.
والتعرف على صدمات الأطفال النفسية ومعالجتها أمرمعقد. ويمكن للمعلمين تقديم حلول للحالات الأقل حدةمن خلال ممارسات التعليم الروتينية التي تركز علىتعزيز النمو وبناء مهارات الأفراد. ولكن على الرغم منحاجة هؤلاء المعلمين إلى التطوير المهني المستمر،فهم لا يتلقون التدريب في مجال الصحة العقلية والدعمالنفسي والاجتماعي. ففي الجمهورية العربية السورية،لم يتلق 73 % من المعلمين الذين شملهم الاستقصاء هذاالنوع من التدريب.
ويمكن لنهوج التعلم التي تقوم على الدعم الاجتماعيوالانفعالي أن تبني المهارات المتعلقة بالوعي الذاتيوالإدارة الذاتية والوعي الاجتماعي وبناء العلاقات واتخاذالقرارات المسؤولة، التي يمكن أن تتضرر من جراء انعداماليقين ومخاطر النزوح. ومن الأمثلة على ذلك برامج التعبيرالإبداعي والعلاج عن طريق اللعب الذي يركز على الطفلفي تركيا، وأنشطة بناء الدعم الاجتماعي من خلال الرياضةفي الأردن، والأنشطة العقلية والبدنية التي تهدف إلىالسيطرة على التوتر والخوف في فلسطين.
ومما يجعل الحلول القائمة على التكنولوجيا مرغوبةللوصول إلى أي شخص لديه جهاز متصل بالإنترنت،مثل الهاتف الذكي أو الحاسوب اللوحي، ما تتسم به هذهالحلول من قابلية التوسع والسرعة والتنقل )أي إمكانية أنتصل التكنولوجيا إلى الأشخاص النازحين( وسهولة الحمل)يمكن للنازحين حمل التكنولوجيا(. وقد وجدت دراسةاستقصائية شملت 144 جهة فاعلة غير حكومية في مجالتوفير التعليم للاجئين السوريين أن 49 % منها شاركت فيتطوير وتوزيع مبتكرات تعليمية تكنولوجية. ولكن على الرغم من محاولات تكييف المحتوى، فإن توافقها مع نظم التعليمالوطنية المضيفة هو الاستثناء.
وعلى الرغم من الاستجابة الغالبة في البلدان الخمسةالتي تستضيف اللاجئين السوريين، فإن 39 % من الأطفالفي سن الدراسة لا يزالون غير ملتحقين بالتعليم. وما زالالكثيرون يوضعون في نظم موازية، معظمها غير مستدامعلى المدى الطويل، خاصة في ظل تناقص الدعم الدولي.
ويتمتع اللاجئون الصحراويون في الجزائر بنظام تعليميومنهج منفصلين باللغتين العربية والإسبانية. وبالرغممن التحاق جميع الأطفال بالتعليم الأساسي، فإن معظمخريجي المدارس الإعدادية الذين تجاوز عددهم 200 2 فيعام 2017 قد رحلوا للالتحاق بالمدارس الثانوية في مدنأخرى، ومنهم من يدرسون في مدارس داخلية على بعد مئاتالكيلومترات. وبالإضافة إلى ذلك، فقد طرأ انخفاض طويلالأجل على المعونات الإنسانية.
وتوفر الأونروا، في شراكة مع اليونسكو، التعليم الأساسيالمجاني المعتمد لعدد قدره 000 526 طفل لاجئ في711 مدرسة في فلسطين. وتتعاون الوكالة بشكل وثيق معأربع حكومات مضيفة لضمان الانتقال السلس للطلاب إلىنظم التعليم الثانوي لديها، بما في ذلك الاعتراف بمؤهلاتهاومناهجها وامتحاناتها وجداولها الزمنية واعتمادها.
وتعمل الأونروا بأربعة مناهج ومجموعات مختلفة من الكتبالمدرسية، وهي عملية ذات أساس منطقي واضح، لكنهالا تخلو من تحديات. وفي عام 2011 ، اعتمدت سياسة بشأنالتعليم من أجل حقوق الإنسان وحل النزاعات والتسامح،وفي عام 2013 ، استحدثت إطاراً لاستعراض مناهج البلدانالمضيفة لضمان الامتثال لمعاييرها التربوية. وفي حوالي%4 من الحالات التي وجد فيها محتوى المناهجالدراسية غير ممتثل، أعدَّت الأونروا مواد إثراء “بديلة” أو”تكميلية” للمعلمين.
ونظرا لأن 44 % من مدارس الأونروا تأثرت بشكل مباشرمن جراء النزاع المسلح والعنف، شرعت الوكالة في عمليةإصلاح لحماية اللاجئين ودعمهم، وتعزيز قدرة هيئاتالتدريس على تقديم تعليم جيد النوعية، وبناء شبكة منالممارسين في المدرسة وتوثيق الروابط مع الآباء والمجتمعالمحلي. وعليها أن تضع خطة وميزانية لحالات الطوارئفيما يتعلق بالتكاليف الإضافية لمرتبات المعلمين، والنقل،وأنشطة التعلم غير المدرسية، وانخفاض قدرة اللاجئينعلى دفع التكاليف المرتبطة بالمدرسة بسبب الفقر.
وينبغي ألا يأتي التركيز على الأطفال في سن التعليمالإلزامي على حساب الالتزامات الدولية المقررة في إطارالهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة بضمان فرص التعلم مدى الحياة للجميع. ويجري توجيه اهتمام متزايدللتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم والتدريب فيالمجالين التقني والمهني وإتاحة فرص التعليم العاليللاجئين. ويشارك حوالي 000 100 لاجئ سوري في برامجالتعليم والتدريب في المجالين التقني والمهني في البلدانالمضيفة الخمسة في المنطقة.
النزوح الداخلي
رغم أن الجمهورية العربية السورية لديها أعلى نسبة منالنازحين داخليا بفارق كبير بالقياس إلى عدد السكان) %36 (، فإن اليمن ) 8%( والعراق وفلسطين والسودان )حوالي%5 لكل منها( من بين 12 بلداً في هذه القائمة.
توصيات
يقدم هذا التقرير سبع توصيات تدعم تنفيذ الاتفاقين المتعلقين بالمهاجرين واللاجئين، هي: